الوقوف العائلي النظامي والشفافیة الشفافیة والوضوح في التعامل والتعبیر عن رأیك ومشاعرك الحقیقیة هو أمر غایة في الأهمیة في أي علاقة إنسانیة لتزدهر وتنمو وتحقق أهدافها المرجوة، وفي الوقوف العائلي النظامي تتعاظم هذه الأهمیة بسبب حساسیة الموضوعات المطروحة والأسرار المدفونة. عند اختیارك لموضوع الوقوف وتواصلك مع الأخصائي/ئیة المسؤول/ة تجرد/ي من الرغبة في إخفاء الأمور وجعلها غامضة أو ضبابیة خاصة فیما یتعلق بالتحدیات الجنسیة بین الشركاء والتحرش والاغتصاب والقتل وسرقة المواریث..... الخ، من أجل أن یصل بك إلى لب المسألة وحل التشابك نهائیا في نظامك العائلي وبالتالي تحقیق هدفك بعیش حیاة رغیدة وطیبة، وراحة بالك من التعرض لتحدیات مزعجة مؤذیة وغیر مرغوبة لا ذنب لك فیه إلا أنك قد ورثت هذه التركة الثقیلة من أسلافك. وبالتأكید لا ترید لها أن تعرقل حیاتك أكثر من ذلك وحیاة أولادك من بعدك فقط لأن نظامك العائلي یعید ترتیب نفسه باستمرار من أجل توازن الطاقة المنظمة لحقل المعرفة فیه، وإنما تریده أنك یكون ینبوع لا ینضب متدفق بدعمك وسندك بالحب والحظ العظیم، وهو حقا خیر معین لك في أن تعیش الأمن والنعیم على الأرض بكل تلقائیة ویسر ووضوح. من أولى الخطوات للتسجیل في الوقوف هو توقیع تعهد بالشفافیة وحفظ الخصوصیة مع المسؤولین/ات عن الوقوف. ماذا نعني بالشفافیة هنا؟ هي أن تكون واضح تماما في عرض كل جزئیة مهما كانت ومهما كان دورك، ولا تشعر بالخوف أو الحرج من أي تفاصیل أو أسرار أو من أراء المختصین وأحكامهم علیك في حال أفصحت عن هذه المعلومات، تأكد أنها سریة تماما وأنهما قادرون/ات على التعامل معها بكل احترافیة وتقدیر للنفس الإنسانیة. أرجوك لا تخفي أو تحور أو تغیر أي معلومات وتفاصیل أیضا عن الموضوع أو المشكلة وأن تطرح أفكارك بموضعیة ووضوح وبدون أي تزییف للحقائق وإخفاء لشخصیات مهمة من أجل مصلحتك أو مصلحة غیرك وإغفال نقاط هامة من الممكن أن تكون هي المفتاح لتحررك وشفاءك. یفضل أن ترتب أفكارك قبل موعدك بوقت وكافي وتسجل أي ملاحظات وأشخاص وأحداث ونوعیة العلاقة وما ترید أن تحققه، فهذا یسهل الأمر على الجمیع أولهم أنت. الأمر ینطبق أیضا في حال كنت تمثل في وقوف الآخرین، حینما تدخل حقل المعرفة الخاص بهم احرص على أن تفرغ نفسك تماما وبعمق من كل مشاعرك وأفكارك ووجهات نظرك وأحكامك وتحلیلك واستنتاجاتك وما تظن أنك تعرفه، وتجمع نفسك وتهدئ أفكارك ومشاعرك. هذا یعني أنك تكون شفاف كالكریستال في نقل كل ما تشعر به وتدركه من خلال الدور الذي تمثله وفي انفصال تام عن أوهام وایحاءات عقلك. قد یتطلب هذا الأمر بعض التدریب في البدایة وقد یكون به بعض الغموض، لا بأس سیتبدد مع الوقوفات القادمة. البعض قد یكون الأمر تلقائیا ومن السهل علیهم اقتباس مشاعر ومعلومات حقل المعرفة، إما لأنهم تعودوا الاتصال بمشاعرهم أو أنهم ولدوا بقدرات عالیة تمنحهم القدرة على التقمص العاطفي والاحساس بمشاعر الغیر. أیضا كأخصائي/ئیة بعد انتهاء الوقوف لكل شخص یجب أن تشارك ما ظهر لك من الدینامیكیة والنتیجة التي وصلت النفس لها بكل شفافیة، وتتأكد من أنه/ها قد استوعب/ت الاشتباك الحاصل والحل أو النقطة التي أوصلت النفس لها في ترتیبها داخل النظام. لا ینفع اطلاقا إخفاء أي معلومات قد تساعد في راحة نفس المشترك/ة، كما لا یوجد خطوط حمراء هنا فاخلع الخجل والخوف عند الباب كما یخلع المصلین أحذیتهم قبل الدخول للمسجد. أما بالنسبة لحقل المعرفة فأعظم ما یمیزه أنه صدقا لا یمكن الاختباء فیه أو إخفاء أي أمر مهما كان، بما فیها خواطر النفس الخفیة عن العقل المنطقي لصاحبها/تها وأسالیب تلاعبها النفسیة المتعددة، كما لا یمكن لأحد أن یختبئ تحت الشمس، فحقل المعرفة یعري الحقائق ویظهرها كما هي بلا أي تحیز. الجمیل أن المشاركین في تمثیل الأدوار داخل حقل المعرفة وبمجرد خروجهم من أدوارهم، تذوب وتختفي هذه المشاعر كأن لم تكن. في حالات قلیلة قد تبقى رواسب مشاعر من الوقوف بحكم التشابه في بعض اشتباكات الأنظمة أو رغبات النفس الخفیة، في هذه الحالة الأمر جدا بسیط كل ما علیك هو التوجه للأخصائي/ئیة لمساعدتك، لكن رجاء لا تهمل/ي أو تخفي/ین الموضوع. قد ندخل في اشتباك جدید أنت في غنى عنه. من أبرز المواقف التي أظهرت مدى الشفافیة المدهشة في دخول حقل المعرفة وكشفه لأعماق النفس وبغض النظر عن من یقوم بتمثیل الأدوار فیه من أشخاص، تذكر إحدى المشاركات تجربتها في تمثیل وقوف ما لشخص اخر قائلة: أثناء اجتماع الأخصائیة مع صاحبة الوقوف في غرفة مجاورة لعرض موضوعها علیها، حصل موقف بسیط ینم عن أنانیة وتذمر مزعج من احدى المشاركات الجدد نزعت به المزاج الجید للحاضرین، شعرت بالغضب منها والنفور الشدید. لم أقل كلمة وحرصت ألا تظهر مشاعري على وجهي كوني لا أعرفها من قبل وأنا جدیدة كذلك. تحدثت معها إحدى المنظمات ولكني لم أستطع خلال هذه الفترة القصیرة من استیعاب الضیق وتحریر مشاعري تجاه موقفها وسلوكها غیر المقبول في قیمي الخاصة. الأخصائیة وصاحبة الوقوف لم تعلما شیئا البتة مما حصل معنا وحینما حضرتا بدأنا تمثیل الوقوف مباشرة. وكأن ما حصل هو تمهید الجواب لسؤال قد سألته قبل أن أحضر صباحا: یا رب أرني إن كان الوقوف صادقا فیما یدعي؟ في البدایة لم أرد حتى النظر لوجهها حتى لا تفضح عیناي مشاعري الغاضبة منها، ولكن الأخصائیة دون علما منها وضعت هذه المرأة لتمثل دور شخص أو شيء تحبه صاحبة الوقوف التي كنت أمثل دورها داخل النظام، ویاللعجب في أقل من جزء من الثانیة تبخرت كل مشاعري الحانقة علیها ولم یتبقى سوى المحبة الخالصة والجاذبیة التي لا تقاوم تجاهها لدرجة أني لم أكد أصدق ما حصل معي واندمجت في الدور حتى انتهى الوقوف. الغریب أنه بمجرد أن خرجت من الدور عادت مشاعري الأصلیة تجاهها من الضیق والحنق، وقتها فقط آمنت أنه لا یمكن أن یكون في حقل المعرفة إلا الحقیقة والشفافیة المطلقة بغض النظر عن أي أمر آخر.